الجامعة الأردنية
المركز الثقافي الإسلامي
فضل العاشر من محرم
الحمد لله الذي شرع لعباده ديناً سمحاً يسيراً، لاعنت فيه ولا حرج، وجعل المواسم والمناسبات الفاضلة تتكرر على عباده عاماً بعد عام، لتكون مغنماً للطائعين، وميداناً لتنافس المنافسين، كصوم رمضان، والعشر الاوائل من ذي الحجة، واليوم العاشر من محرم، التي شرفها الله على سائر الأيام وهو القائل:- " إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" ﴿التوبة:٣٦﴾، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام وتقرب فيها إلى الله بالطاعات والعبادات.
مناسبة صيام العاشر من محرم:
جاء في حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:- (قدم النبي- صلى الله عليه وسلم- المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: "ما هذا"، قالوا: هذا يوم صالح نجى الله فيه بني اسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: "فأنا أحق بموسى منكم"، فصامه وأمر بصيامه). أخرجه البخاري ومسلم.
فصيام هذا اليوم هو شكر لله تعالى على نجاة موسى عليه السلام، وإغراق فرعون وقومه, وكان ذلك في اليوم العاشر من محرم.
وقد كان صيامه واجباً قبل فرض صيام رمضان , فلما فرض صيام رمضان في السنة الثانية للهجرة نُسخ وجوب صوم عاشوراء وصار مستحباً, حيث قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- لما فرض شهر رمضان عن يوم عاشوراء : ( من شاء صامه ومن شاء تركة) أخرجه مسلم.
فضل صيام العاشر من محرم:
عن أبي قتادة رضي الله عنه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سُئلَ عن صوم يوم عاشوراء فقال: "يكفر السنه الماضية"، وفي رواية "صيام يوم عاشوراء أحتسبُ على الله أن يكفر السنة التي قبلها" أخرجه مسلم.
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرصُ على صيام اليوم العاشر من محرم، وهو الذي يسمى بيوم عاشوراء، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صيام يوم ٍ فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء وهذا الشهر، يعني شهر رمضان" أخرجه البخاري.
حكم صيام اليوم العاشر من محرم:
يستحب صيام اليوم العاشر من محرم، واستحبابه متأكد بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ويستحب أيضاً صيام يومٍ قبله أو بعده، وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : "خالفوا اليهود، صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" رواه أحمد.
والأفضلُ هو صوم التاسع والعاشر، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لئن بقيت إلى قابل لأصومنَ التاسع". رواه مسلم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر ونوى صيام التاسع، ولكنه انتقل الى الرفيق الأعلى، والحكمة في استحباب صوم التاسع مع العاشر هي مخالفة اليهود وعدم التشبه بهم في إفراد العاشر من محرم.
مراتب صيام العاشر من محرم:
ذكر ابن القيم في زاد المعاد، أن صوم العاشر من محرم على مراتب حيث قال: "مراتب صومه ثلاث، أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم".
الأعمال المشروعة في العاشر من محرم:
لم يخص الشرع اليوم العاشر من محرم بعمل غير الصيام، وقد أرشد الرسول-صلى الله عليه وسلم- إلى صيام هذا اليوم شكراً لله على نجاة موسى وإهلاك فرعون، وأما ما تقوم به بعض الطوائف من أعمالٍ أخرى كالنياحة واللطم، أو إحياء ليل عاشوراء بإظهار البهجة والسرور والتوسع في المأكل والمشرب وغير ذلك من الأعمال فلم تثبت بدليلٍ شرعي.