أثر مواقع التواصل الاجتماعي أ د جميلة الرفاعي

أثر مواقع التواص​ل الاجتماعي

 

التواصل الاجتماعي والذي يمثل ثورة تكنولوجيا حديثة هائلة من الفيس بوك ، الواتس أب ، الانستغرام ، السناب شات ، سكايب ،  وغير ذلك من التطبيقات التي تجدها موزعة على سطح هاتفك ، تؤثر على حياة الأسرة ، ولها إيجابيات وسلبيات تعيشها الأسرة يوميا .

ومواقع التواصل الاجتماعي الموجودة على شبكة الإنترنت حيث يستخدمها الناس جميعا وسيلة للتواصل والتفاعل ونقل الأخبار فيما بينهم ، وقد انتشرت هذه المواقع بين الناس كما تنتشر النار في  الهشيم، فهي وسيلة سريعة في توصيل المعلومة ونشرها .

إلا أن لهذه المواقع الكثير من الآثار الإيجابية على المجتمع والأسرة، وبهذه الوسيلة أصبح العالم قرية صغيرة يتواصل فيها جميع الناس بحيث يتبادلون الثقافات والحضارات واللغات والأفكار، وأصبح الفرد على علم و دراية بما يجري حوله من أخبار سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وغير ذلك، بل أصبح الفرد يتسوق فيبيع في بيته ويختار ما يناسبه من الملابس والأثاث  والسيارات والأمور الحياتية الأخرى، فالمواقع هذه كانت وما زالت أفضل الوسائل لتبادل المعلومات وتوثيقها بطريقة سهلة ميسورة لا تحتاج إلى دفع أموال طائلة ولا حتى الخروج من  البيت  .

ومع كل هذه الإيجابيات الكثيرة لمواقع التواصل الاجتماعي إذا استغلت بطريقة صحيحة شرعية، إلا أن لها من السلبيات الخاصة على الأسرة حيث قد نلقي نظرة على أسر كثيرة فنجد أن الوالد يستخدم هاتفه وهو غارق فيه، والأم بيدها هاتفها تنتقل من تطبيق إلى آخر ، وكذلك الأبناء وبيدهم هواتفهم أو وحواسيبهم  بتطبيقاتها الكثيرة، لذا نتفكر في هذه الحال التي قد يقضون فيها ساعات طوال ؛ أقول إن مواقع التواصل الاجتماعي على هذه الشاكلة تعمل على زيادة العزلة الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة رغم جلوسهم بعضهم بجوار بعض، وكذا اذا ما ذهبت إلى مجلس عزاء أو فرح وكان الأقرباء مجتمعين في مكان واحد تجد كثيرا منهم يستمع إليك وقلبه متعلق بهاتفه الذي يزحف عليه بكم هائل من المعلومات فلا تجد إلا رجلاً كبيراً في السن قد رفع رأسه ينظر للناس ويحدثهم دون وجود هاتف بين يديه، أو رجلاً مريضاً أعياه المرض عن النظر فيما لا يهمه. كما أن هذه الحال في الأسرة تعمل على خمول الإنسان خمولا جسديا وعقليا بحيث تجعل الواحد دائما في حالة تلقٍ لا يُفكر إذا ما أدمن على مواقع التواصل الاجتماعي. وتجد أن لا تبادل للأفكار والأهتمام والسؤال عن أحوال الأسرة في حالة الغرق في هذه المواقع كما صورنا حالة اللاكلام بين أفراد الأسرة . إذا كان هنالك ما هو أهم وهي أخبار الناس فعلى رب الأسرة وربتها أن لا يتركوا المجال لهذا الأمر في أن يستشري في أفراد الأسرة فمن الممكن أن تُحدد ساعة لهذا الأمر في اليوم فقط .

إنّ الانشغال الدائم بمواقع التواصل الاجتماعي يعمل على ازدياد حدة التوتر النفسي بين أفراد الأسرة جميعا، وهو يقود إلى حدوث مشكلات اجتماعية بين الزوج والأولاد مما يولد حواجز بين الجميع فتقل المودة والمحبة و الاحترام والتقدير بينهم ، كما أن الوقت قد يضيع في أمور غير مهمة ، إن كنا نرى أن الأسرة فيما سبق كانت تجتمع على قراءة كتاب أو مناقشة أمر من أمور الحياة، وأمّا الآن فقد أصبح لكل فرد عالمه الخاص، وأصبح الواحد متلقيا للغث والسمين من المعلومات، بل إنه قد يتعرض  للإشاعة والكذب في نقل وتحريف المعلومات ، وهذا ينتج جيلاً جديداً  لا فكر ولا مسؤولية ولا خيار لديه .

ومن هنا يجب أن نؤكد على دور أرباب الأسر في نشر الوعي بين الأبناء بحيث  لا يتلقون إلا من جهات تكون صادقة ومعروفة لدى المجتمع، وعليهم أنْ يضبطوا عملية استخدام مواقع الاتصال بحيث يحدد الوقت، كما أن لهم أن يشاركوهم في مراقبة ما يحضرونه ويوجهونهم إلى المواقع المفيدة لدينهم ودنياهم وأن يبتعدوا عن المواقع الإباحية والإلحادية التي تؤدي إلى مالا يحمد عقباه في نفسية المتلقي ومجتمعه .

وأخيراً نقول : المسؤولية عظيمة جدا على الأسرة وعلى المعلم والإمام والإعلامي وعلى الدولة  في حياة المجتمع، في حماية المجتمع من سلبيات هذه المواقع، ونسأل الله أن يحمي مجتمعاتنا وأولادنا من كل فساد ورذيلة .