المركز الثقافي الإسلامي في الجامعة الأردنية...
مركز إشعاع ومنارة علم
توليفة متناغمة من الأهداف انصهرت في بوتقة واحدة، ووفق منظومة متماسكة؛ شكّل: التخطيط والمهنية وتكامل الأدوار أقطابها، لإرساء دعائم منبر إسلامي ثقافي، غدا مع مرور الأيام وتعاقب الشهور والأعوام؛ صرحا من صروح البناء، ومنبرا من منابر العطاء، فيه تعلّم الآية، وبهدي سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ترفع له راية.
المركز الثقافي الإسلامي؛ هذا المعلم الذي تحتضنه أم الجامعات، ودرتها، وصاحبة السبق في أن تكون أول جامعة تؤسس مركزاً خاصاً بها، ومسجداً ينبثق من حرمه، لنشر رسالتها، وتجسيد أهدافها في خدمة المجتمع، وذلك من خلال نشر تعاليم الدين الإسلامي فكراً وسلوكاً بين فئة الشباب وأفراد المجتمع، وترسيخ العقيدة والقيم والأخلاق الإسلامية في النفوس؛ لمواجهة كافة التحديات الفكرية، والعقدية، والسلوكية، وإبراز صورة الحضارة الإسلامية، وثقافتها المشرقة، ليكون مشعل هداية، ومركز إشعاع، ومنارة علم.
ومنذ نشأته بإرادة ملكية سامية عام 1982؛ وهو يضطلع بمهام ريادية، ويطور من إمكاناته ضمنَ خطط متسقة في سبيل ترجمة أهدافه التي أنشئ من أجلها، وفق مسارات توزع على شعبه الثلاث: شعبة التدريب والتدريس، وشعبة النشاط الثقافي والاجتماعي وشؤون الأسرة، وشعبة شؤون المسجد.
وإيمانا منه بأهميته لما فيه من منفعة عظيمة، ولفهم مبادئ الدين، وقيم الإسلام وأحكامه؛ وانسجاما مع رسالة الجامعة للتفاعل مع المجتمع؛ تصدرت أولوياته اهتمامات المركز بتعليم القرآن الكريم، والعناية به؛ تلاوة وفهماً وحفظاً، حيث كان من أوائل المراكز الثقافية الإسلامية التي أولت تعلّم القرآن الكريم وتعليمه عناية فائقة، الأمر الذي دفع بإداراته المتعاقبة وكادره المتميز إلى مضاعفة جهودهم لتحقيق إنجازات انعكست إيجاباً على سمعته التي تجاوزت الحدود، ليكون من أهم المراكز الإسلامية الثقافية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط المتخصصة بتعلّم القرآن الكريم وتعليمه.
وحسب مدير المركز الثقافي الإسلامي الدكتور إبراهيم برقان، فإن مهمة "التدريس" تشكل ركيزة أساسية لدى المركز، للتنوع الواسع في المواد التي يطرحها من خلال شعبة التدريب والتدريس، ويستهدف من خلالها طلبة الجامعة، وسائر فئات المجتمع العمرية، ومن أهم هذه المواد تدريس القرآن الكريم، وأحكام التلاوة والتجويد، بالإضافة إلى العلوم الشرعية من إعجاز قرآني، وتفسير، وإجازات في القراءات القرآنية، وتصحيح نطق مخارج الحروف .
وأضاف برقان أن شعبة التدريب والتدريس في بداية كل فصل دراسي تعلن عن عقد عدد من الدورات التي تتناول في المقام الأول آداب القرآن، وحفظه، وترتيله، وأحكام تجويده، ويتم الإعداد لها وفق خطة منهجية تنسجم مع رسالة المركز ورؤيته جنبا إلى جنب، مع وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، ويشرف على تدريسها نخبة من المدرسين والمدرسات من ذوي الخبرة العملية، والكفاءة الشرعية، والمؤهلات العليا، حيث إن جميعهم حاصلون على إجازات تعليم القرآن الكريم من وزارة الأوقاف، ومنهم من كان عضوا في اللجان الفاحصة لامتحانات المستويات، والإجازة التابعة لها.
وأشار برقان إلى أن دورات التلاوة والتجويد تشكل جزءاً أصيلا من رسالة الجامعة في إنماء الوعي الديني وتعزيزه، ورفد الطلبة وأفراد المجتمع بالمهارات المعرفية التي تؤهلهم لفهم القرآن الكريم وتعلًمه، وفقا للدين الإسلامي الحنيف.
كما أكد حرص شعبة التدريب والتدريس على طرح واستحداث كل ما هو جديد ومفيد من مواد شرعية تكون شاملة ومتنوعة، لتلبي رغبات جمهور الطلبة والمجتمع المحلي، وإدراجها ضمن برنامجها التدريسي؛ الأمر الذي كان له أبلغ الأثر في الارتقاء بمكانة المركز وإثراء سجله، ليصبح من المراكز الأكثر تأثيراً وانتشاراً، ويتخذ له مكاناً بين المراكز الأخرى محليا ودوليا.
ويبدو أن السمعة التي اكتسبها المركز جعلته محط أنظار الكثيرين ممن يرغبون في تعلم القرآن الكريم، ودراسة العلوم الشرعية، حيث أسهمت في استقطاب أعداد متزايدة من الملتحقين في الدورات.
هذا ما أكده رئيس شعبة التدريب والتدريس في المركز حمزة القضاة، حيث قال إن أسعار الدورات الرمزية التي يعلن عنها المركز، ولا تتجاوز (10) دنانير، وكفاءة المدرسين والمدرسات العلمية والعملية، واعتماد تلك الدورات من قبل وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وحصول مجتازيها على شهادات مصدقة منها، تؤهلهم للتدريس في دور القرآن الكريم ومراكزه، كلها عوامل رئيسة أسهمت في زيادة الإقبال على الالتحاق بدورات المركز.
وأضاف أن شعبة التدريب والتدريس كانت سببا في وصول المركز إلى مصاف المراكز الإسلامية العالمية المتقدمة، وشكلت نافذة له على العالم، خصوصا بعد انتهاجها لنظام التدريس عن بُعد، وعبر منصات وقنوات وتطبيقات إلكترونية حديثة مستعينة بتقنيات فنية متطورة، ومواكبة للعصر، حيث أضحى المركز يستقبل طلبة لدراسة القرآن وأحكامه من دول عربية وعالمية أيضا.
وأكد القضاة أن عدد ملتحقي الدورات وخرّيجيها من خارج الأردن تجاوز (300) طالب وطالبة، موزعين على دول عربية ودولية؛ مثل: مصر، والجزائر، والإمارات العربية المتحدة، وفلسطين، وبريطانيا، وروسيا، ودول شرق آسيا؛ مثل: الصين، وأيضا هناك طلبة من أوزبكستان وقرغستان، منوها إلى الزيادة المضطردة في عدد ملتحقي الدورات وخرّيجيها داخل الأردن منذ بدايات عمل المركز في مجال التدريس.
ويبقى الأمل معقودا في أن يظل المركز الثقافي الإسلامي له مكانته في قائمة المراكز الثقافية الاسلامية المنتشرة في المنطقة، وأن يزداد أعداد مرتاديه من زوار وضيوف ومشاركين في دوراته، ولهذا يبذل المركز الثقافي الإسلامي قصارى جهده للنهوض بدوره الريادي لخدمة المجتمع المحلي، ومجتمع الجامعة، وذلك من خلال طرح برامج تبرز ثقافة المجتمع الإسلامي وأصالته، وتنشر الوعي بين أفراد المجتمع في المجالات كافة، مستعينا بأهل الاختصاص في العلوم الشرعية، واللغة، والاجتماع، وغيره، وتنظيم أنشطة وفعاليات تلامس في موضوعاتها قضايا المجتمع.
كما يحرص المركز على التوسع في دوراته التي يطرحها، من حيث موضوعاتها، وأساليب تدريسها، والتقنيات الفنية المستخدمة؛ وفقا لمتطلبات العصر، وحرصه على تطوير قدرات المدرسين والمدرسات وإمكاناتهم، ومدّهم بالمهارات الحاسوبية التي ترفع كفاءتهم، وترتقي بمهنيّتهم، وكذلك إيلاء طلبة الشعوب الإسلامية في الجامعة الأردنية رعاية خاصة بهم، وتوفير كل ما يلزمهم من مساعدات مادية، وعلمية، وغيرها من المساعدات الأخرى، ليظل المركز الثقافي الإسلامي شعلة متقدة بعطائه، وسمو أهدافه.