وطنٌ بلا مخدِّرات" تختتمُ أعمالَها في"الأردنيّة"، وتوصية بوقف وطنيّ لمكافحة المخدِّرات

وطنٌ بلا مخدِّرات" تختتمُ أعمالَها في"الأردنيّة"، وتوصية بوقف وطنيّ لمكافحة المخدِّرات

فادية العتيبي- تميّزت أوراقُ العمل الّتي نوقشت أثناء جلسات أعمال ورشة "وطنٌ بلا مخدِّرات" الّتي نظّمها معهدُ الملك عبد الله الثّاني لإعداد الدّعاة، وتأهيلهم، وتدريبهم في وزارة الأوقاف والشّؤون والمقدّسات الإسلاميّة، وأقيمت في الجامعة الأردنيّة، بزخم في الطّروحات والمعلومات الّتي من شأنها التّأكيدُ وبشدّة على ضرورة تكاتف فئات المجتمع جميعها، ومؤسّساته الرّسميّة الأمنيّة، والدّينيّة، والتّعليميّة، والإعلاميّة؛ للحدّ من انتشار آفة المخدِّرات، والعمل، يدًا بيد، على نشر الوعي حول مخاطرها؛ لما تسبّبه من آثار مدمّرة على الفرد والمجتمع.

وكشفت الأوراقُ الّتي عُرِضت أثناء جلسات عمل الورشة على مدار يومين، وعُقِدَت بالتّعاون مع إدارة مكافحة المخدِّرات والمركز الثّقافيّ الإسلاميّ في الجامعة، تزايدَ أعداد متعاطي الموادّ المخدِّرة في الأردنّ سنويًّا لأسباب عدّة أهمّها؛ ظهور أنواع جديدة من الموادّ المخدِّرة، وارتفاع أعداد السّكّان، وموقع الأردنّ الجغرافيّ بين دول تروّج للمادّة المخدِّرة وتتّخذ منها تجارةً عابرة للقارّات.

وطالب المشاركون من خبراءَ ومتخصّصين بضرورة إنشاء وقف وطنيّ لمكافحة المخدِّرات، تفيد منه مراكزُ علاج الإدمان والمتعاطين، وذلك عبر إنشاء وسائل إعلام مضادّة لما هو موجود من إعلام هابط يروّج للمخدِّرات في مشاهد دراميّة مفلسة؛ لا لونَ لنصوصها، ولا نكهة.

وناقشت جلساتُ اليوم الثّاني ورقةَ عمل حول "دور الوقف والتّنمية المستدامة في مكافحة المخدِّرات وعلاج الإدمان"، قدّمها مديرُ معهد الملك عبد الله الثّاني لإعداد الدّعاة، وتأهيلهم، وتدريبهم، الدكتور عبد الستار القضاة، أشار بوساطتها إلى الأسباب الّتي تدفع الفردَ إلى تعاطي المخدِّرات، كغياب القدوة الحسنة، ويقابلها ظهور القدوة السّيّئة، وأساليب التّربية غير الصّحيحة، ورفقاء السّوء، والانحلال المجتمعيّ، وغياب دور المعلّم، والمؤسّسة التّعليميّة، والأئمّة، والوعّاظ، وأيضًا غزو الثّقافات الموبوءة، والجهل، والبطالة، والفراغ، وغيرها من الأسباب.

وأوضح القضاة أهميّةَ إنشاء وقف وطنيّ لمكافحة المخدِّرات، ومساعدة المتعاطين على الشّفاء، مشيرًا إلى أنّ الحضارة الإسلاميّة تزخر بالوقفيّات، ولا بدّ أن يكون هناك وقفٌ على مؤسّسات خيريّة واجتماعيّة تلبّي احتياجات إنسانيّة، كالوقف على المساجد ودور العبادة، مشيرًا إلى أنّ الوقفَ يعدّ أحدَ روافد التّنمية المستدامة.

وبدوره تحدّث مساعدُ مدير الوعظ والإرشاد/ رئيس قسم التّطرّف في وزارة الأوقاف والشّؤون والمقدّسات الإسلاميّة الدكتور سلطان القرالة في ورقته عن المخدِّرات وعلاقتها بالإرهاب، معرّفًا إيّاهما؛ لغةً واصطلاحًا، ومقارنًا بينهما من حيث أوجهُ التّشابه، والصّفاتُ الفيسيولوجيّة الّتي تجمع بين المتطرّف، ومدمن المخدِّرات.

وأكّد القرالة دورَ الأئمّة والوعّاظ في التّوعية وتحصين المجتمع من الأفكار المغلوطة المنتشرة؛ كالتّطرّف، والتّعصّب، وتعاطي المخدِّرات.

في حين تناول الملازم أوّل، بهاء الدين البعجاوي، من إدارة مكافحة المخدِّرات في ورقته الّتي جاءت بعنوان"طرق الكشف المبكّر عن المتعاطي وعلاج الإدمان" الحديثَ عن المادّة المخدِّرة، وأنواعها وما تسبّبه من ضرر بالغ في خلايا الجهاز العصبيّ، والأعراض الّتي تظهر على متعاطي المادّة المخدِّرة، وتكشف عن تعاطيه، والبرامج العلاجيّة المتّبعة، الصّحّيّة، والنّفسيّة، والاجتماعيّة، والدّينيّة، والرّياضيّة لتعافيه، مشيرًا إلى أنّ برنامج علاج المتعاطي يكون بالفطام الكلّيّ من الموادّ المخدّرة، وأنّ أفضل طرق العلاج عدمُ تعاطيها منذ البداية.

وبيّن البعجاوي وفق الإحصائيّات الرّسميّة أنّ عددِ متعاطي الموادّ المخدِّرة الّتي تستقبلهم مراكزُ علاج الإدمان بلغت سنويًّا (750) متعاطٍ، وأنّ ما نسبته 70% منهم عولجوا وتعافوا تمامًا، منوّهًا إلى أنّ علاج المدمن من التّعاطي يكون بقرار نابع من داخله، ومن ثمّ يأتي دور مركز علاج الإدمان.

وكان مديرُ المركز الثّقافيّ الإسلاميّ الدكتور ابراهيم برقان وخلال إدارته لجلسات أعمال الورشة، قد أوضح أهميّة التّعاون مع مؤسّسات الدّولة الأردنيّة؛ لتسليط الضّوء على آفة عابرة للحدود مثل المخدِّرات، وتشكّل خطرًا يفتك بالمجتمع؛ لتقدّم كلّ مؤسّسة رؤيتها المأمولة في علاج مثل هذه الظّاهرة والحدّ من انتشارها وفقًا لاختصاصها؛ ما يسهم في تبادل الخبرات، والأساليب التّدريبيّة والمقترحات، ويوحّد جهودَ العمل بشكل متناغم، وشامل، وتشاركيّ، وصولًا إلى توصيات تدفع إلى تحقيق الأهداف المنشودة الّتي أقيمت من أجلها هذه الورشة.

وتجدرُ الإشارةُ إلى أنّ الورشةَ الّتي نُظّمت برعاية وزير الأوقاف والشّؤون والمقدّسات الإسلاميّة، الدكتور محمد الخلايلة، وافتتحها مندوبًا عنه مديرُ عامّ صندوق الزّكاة الدكتور عبد سميرات، جاءت تنفيذًا لأهداف الخطّة الإستراتيجيّة الوطنيّة للوقاية من آفة المخدِّرات للأعوام (2024- 2026) الّتي أُطلقت مؤخّرًا؛ ترجمةً للتّوجيهات الملكيّة بضرورة إيجاد إستراتيجيّة وقائيّة شاملة لمكافحة آفة المخدِّرات المدمّرة، ومحاربتها بأنواعها المختلفة، وتجفيف منابعها.