أثر خطبة الجمعة في المجتمع

أثر خطبة الجمعة في المجتمع

خطبة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام، بدأت منذ بدء الدعوة عندما صدع النبي –صلى الله عليه وسلم- بتبليغ رسالته إلى قومه، ثم صارت في كل جمعة مرة، فهي تتكرر في العام ثمانية وأربعين مرة على الأقل، سمى النبي اليوم الذي تلقى فيه هذه الخطبة عيداً كما جاء في الحديث (قد اجتمع في يومكم عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون) رواه أبو داود.

اهتم الإسلام بها اهتماماً عظيماً، قبلها وأثنائها وبعدها، فندب إلى التطهر قبلها والتطيب، وأخذ الزينة الكاملة والتبكير في الذهاب إليها، ونهى أثنائها عن الحديث أو الكلام أو الانشغال عنها بأي أمر من الأمور، قال –صلى الله عليه وسلم-:( إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت) رواه البخاري ومسلم.

وأمر بكثرة ذكر الله بعدها كما قال تعالى:( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون).

وإذا تأملنا في حجم هذا الاهتمام بخطبة الجمعة فإننا نجد أن ذلك يعود لما لها وقع وتأثير في نفوس السامعين لها، فهي تبصر المسلم بأمور دينه، وتنشر الحق وتحل مشاكل المجتمع، وتقدم للناس حلولاً في ظل هذا الزمن الذي نعيش فيه، الذي كثرت فيه الفتن والموضوعات الشائكة والفتاوى المتناقضة، وتعد وسيلة من وسائل الإصلاح الفردية والجماعية.

ولكي تؤتي خطبة الجمعة أكلها فإنها تحتاج إلى جدارة وكفاءة من يقوم بها، وهو الخطيب، فهو المربي والناصح والمعلم، مهمته شاقة لأنه لا يخاطب طبقة ثقافية معينة، ولكن يستمع له المتعلم والجاهل والكبير والصغير والذكر والأنثى، ولذلك يحتاج إلى أن تكون له قدرة على توصيل المعلومة إلى مختلف الطبقات والفئات، وهذا يحتاج إلى الإخلاص أولا، وأن يُحسن اختيار الموضوعات التي تمس حياة الناس ثانيا، رابطا بين الأحاديث النبوية والآثار التي وردت من السلف ما يمكن استخلاص العبر منه لهذا الزمن ، وطارحاً لحلول واقعية للمجتمع، وأن يكون محور اهتمامه في خطبة على قضية معينة يحيط بها من جميع الجوانب، ولا يتشعب في خطبته بين أكثر من موضوع فتتشتت أفكار الناس، وأن يوصل لهم ما يريد بأقل وقت ممكن لأن خير الكلام ما قل ودل.

إن خطبة الجمعة ليست وظيفة تؤدى فحسب، ولا حملاً يوضع عن الظهر فحسب، بل هي أمانة ومسؤولية تحتاج من الدولة أن تختار لها من هو مؤهل لها، ولا تُترك المنابر لكل من هب ودب، فإن غير المؤهل أو صاحب الأفكار المنحرفة يخرب ولا يصلح، ويدمر ولا يبني.

 

 

الدكتور فادي الجبور