من مقومات نجاح الأسر: ((قيام الزوج بواجباته تجاه زوجته))

من مقومات نجاح الأسر: ((قيام الزوج بواجباته تجاه زوجته))
لما كان عقد الزواج ميثاقاً غليظاً بين الرجل والمرأة يراد له الدوام والبقاء، فقد وضع الإسلام أمام كل من الزوجين منهجاً شاملاً وضح من خلاله حق الزوج على زوجته، وحق الزوجة على زوجها، والحقوق المشتركة بينهما، فإذا قام كل واحد من الزوجين بما يجب عليه تجاه الآخر سعدت الأسرة وكانت لبنة صالحة في بناء المجتمع، وفيما يلي نذكر حقوق الزوجة على زوجها بشي من الإيجاز:                                                                          
أولاً: المهر                                                                     
وهو المال الذي يجب على الرجل للمرأة بسبب عقد الزواج عليها أو بسبب وطئه لها .
قال تعالى : "وآتوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلةً" )النساء:4(، وقال تعالى: "فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً" )النساء:24(.                                                                     
والمهر أثر من آثار عقد الزواج، وليس شرطاً لصحة عقد الزواج لقوله تعالى: "لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً" (البقرة:236).
وفي حال السكوت عن تسمية المهر عند العقد يحتكم حينئذ إلى مهر المثل، بل إن مهر المثل هو الموجب الأصلي، لأنه القدر الملائم، والمسمى يقوم مقامه بالتراضي .
وقد جعله الإسلام واجباً على الرجل صيانة للمرأة من أن تمتهن كرامتها في سبيل جمع المال ليكون مهراً تقدمه للرجل كما هو الحال في بعض المجتمعات.
وفي إيجابه على الرجل توافقاً مع الفطرة البشرية التي فطر عليها كل من الرجل والمرأة، فالرجل أقدر على العمل خارج البيت، فكان عليه كسب المال والمرأة عليها العمل في البيت.
وجعل المهر واجباً على الرجل ليكون رمزاً منه لإكرام المرأة ودليلاً على رغبته فيها ببذله أعز ما يملك في سبيلها، مما يجعله أكثر تروباً في إيقاع الطالق لما يلحق به من الضرر .
فالمهر ليس ثمناً للمرأة أو ثمناً لجمالها أو الاستمتاع بها كما يتوهم البعض، وإنما هو في الإسلام رمز للرغبة في الاقتران بهذه المرأة.
والمهر حق للزوجة لا حق أوليائها وإن كان لأوليائها حق قبضه لكنهم يقبضونه باسمها وعلى ملكها، فلا يجوز لهم أن يتصرفوا بشيء منه من غير علمها وموافقتها .
ثانياً: النفقة                                                            
نفقة الزوجة واجبة على زوجها ما دامت في طاعته لقوله تعالى:"وعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" (البقرة:233). والمراد بالمولود له: الزوج، وقوله تعالى: "لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ ٱللَّهُ" )الطلاق:7(، وقد روى الإمام مسلم عن جابر بن عبدالله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  قال: (( اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحلتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف)).
ونفقة الزوجة واجبة على زوجها وإن كانت غنية، فالزوجة محبوسة لحق زوجها، ومحرمة على غيره لتقوم بالمقصود من الحياة الزوجية: من حفظ النسل، وتربية الولد، ورعاية شؤون البيت، ومن القواعد المقررة أن من حبس لنفع غيره كانت نفقته على من حبس لأجله .
وتشمل النفقة الزوجية كل ما تحتاج إليه الزوجة من وسائل معيشتها وحياتها من اللباس والسكنى والعلاج والخدمة إن كانت ممن تلزمها الخدمة أو لأمثالها خدم، وهذه الأمور إنما تجب في حدود المعروف وفي حدود طاقة الزوج  امتثالاً لقوله تعالى: "لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ ٱللَّهُ" )الطلاق:7(.
ثالثاً: حسن العشرة
وذلك امتثالاً لقوله تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" )النساء :19(.
فعلى الزوج أن يعامل زوجته بالمعروف، ولا يلحق بها ضرراً، ولا يؤذيها بقول أو فعل، إلا حيث أباح له الشرع وذلك لأجل إصلاحها .                                                   
ومن حسن العشرة أن يمازج الزوج زوجته ويلاطفها، وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يمزح مع أزواجه ، فقد روى الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -  أن الرسول - صلى الله عليه وسلم -  قال: ((أكمل المؤمنين إيجاباً: أحسنهم خلقاً، وألطفهم بأهله)) وعن عائشة - رضي الله عنها -  أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)) .
رابعاً: العدل                                            
فإذا كان الرجل متزوجاً بأكثر من امرأة وجب عليه أن يعدل بينهن وأن يسوي بينهن في الامور المادية والظاهرية ما استطاع، ومما يشمله العدل المطلوب أن يوفر للزوجات الطعام واللباس والمسكن المتماثل وكما عليه أن يسوي بينهن في القسمة والمبيت، وفي كل ما يمكن المساوة فيه .                                                                                   
وأما المساوة بينهن في المحبة وميل القلب، فلا يكلف الزوج بها لأنها ليست في مقدوره، إذ لا اختيار للمرء في الميل القلبي حتى تكون هناك مساواة فيه، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها .
وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقسم بيت زوجاته فيعدل ويقول: ((اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)) أي المحبة والميل القلبي، لأن ذلك ليس في مقدور الأنسان فلا يطالب به شرعاً
.