الزواج العرفي
الزواج العرفي
انتشر الزواج العرفي بين فئات المجتمع المختلفة، وخصوصاً بين طلاب وطالبات الجامعات
والكليات والمدارس، حيث اتخذوا العقود العرفية طريقاً لتحقيق رغباتهم غير مبالين بخلق ولا دين، حتى اصبح الزواج العرفي ظاهرة خطيرة نظراً لما تخلفه من آثار أخلاقية وإجتماعية على المجتمع، والزوجة هي ضحيتها الاولى، وقد ساهم في انتشار مثل هذا الزواج صدور فتاوى تبيح عقود الزواج العرفي.
والمقصود بالزواج العرفي: هو الزواج الذي لا يسجل في المحكمة لسبب من الاسباب ، فهو زواج غير موثق أمام المأذون الشرعي أو أمام الجهات الرسمية التي خصصتها الدولة لهذه الغاية.
ومن صور الزواج العرفي إتفاق الطالب مع زميلته على الزواج سراً ودون علم الأهل، ثم يقومان بإحضار شاهدين ليوقعان على عقد الزواج العرفي، ويتفق الجميع على كتمان هذا الزواج وعدم الاعلان عنه.
والناظر في هذه الصورة من صور الزواج العرفي يجد أن هذا الزواج لا تتوافر فيه اركان وشروط الزواج الشرعي، فهو يفتقد الى:
أولاً: وجود الولي الشرعي للمرأة.
فالولي شرط للنكاح عند جمهور أهل العلم وهم يبطلون الزواج الذي يتم من غير ولي، فقد جاء في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أيما إمرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل"، فعقد الزواج عظيم الاثر، بالغ الخطر، والنساء يخضعن للعاطفة وينخدعن بالمظاهر، فإذا اساءت الاختيار فالضرر لا يقتصر على المرأة وإنما يتعدى الى اهلها وعائلتها .
ثانياً: الشهود العدول.
الشاهد العدل هو من يقوم بالفرائض والواجبات، ويجتنب المحرمات، من كبائر وصغائر، وقد اشترطت الشهادة في الزواج لأن الزواج يتعلق به حق غير المتعاقدين وهو الولد، فاشترطت الشهادة كي لا يجحده اباه فيضيع نسبه ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل".
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل العدالة متوفرة في شاهدي الزواج العرفي اللذان وافقا ابتداءً على الشهادة على مثل هذا العقد وكتمان امر الزواج ...؟.
ثالثاً: الاعلان عن الزواج وبالطرق المتعرف عليها.
لقد ندب الشارع الحكيم الى إعلان عقد الزواج، حتى يعلم عامة الناس أن المراة المعقود عليها اصبحت زوجة لمن عقد عليها، فلا تلومها السنة الناس بالسوء.
رابعاً: المقصد الاساسي من الزواج الشرعي.
وهو إشتراك الزوج مع زوجته في إقامة حياة زوجية آمنة مطمئنة، قائمة على السكينة والمودة والرحمة، تؤتي ثمارها بإنجاب الأولاد واستمرار الحياة، فأي سكينة وطمانينة في الزواج العرفي، حيث ياتقي الرجل والمرأة في خفية وظلام، يرتعدان من كل حركة ومن كل صوت ...؟ .
خامساً: عنصر التوثيق:
ويترتب على عدم التوثيق لدى المحكمة ضياع كافة حقوق الزوجة الشرعية والقانونية عند إنكار الزوج لهذا الزواج، فلا حق للزوجة في المهر ولا في النفقة ولا في الارث، ويضيع ولدها إذا لم تستطيع إثبات نسبه الى ابيه في حياته أو بعد مماته .
وقد نص قانون الأحوال الشخصية الاردني لسنة 2010 في المادة 36/ج على: إذا اجري عقد زواج ولم يوثق رسمياً يعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات، وتغرم المحكمة كل واحد منهم بغرامة مقدارها مائتا دينار .
وحيث أن التشريع الاسلامي جاء لصالح الناس بما يوافق الزمان والمكان، فأن دائرة الافتاء العام في المملكة الاردنية الهاشمية أصدرت فتوى بشأن الزواج العرفي والتي تحمل الرقم (1489)، صادرة عن المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان رحمه الله، عندما سئل عن حكم الزواج العرفي، فأجاب:
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أيما إمرأة لم ينكحها الولي، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل"، أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن/حديث 1102، وحديث "لا نكاح الا بولي مرشد، وشاهدي عدل"، رواه الطبراني في المعجم الأوسط، حديث 6366، والتوثيق مطلوب لحفظ الحقوق وعدم التوثيق يعاقب عليه قانون العقوبات الاردني، والله تعالى أعلم) .  
ولا بد من الإشارة إلى أن هناك إموراً ساعدت على إنتشار الزواج العرفي منها: الإختلاط في المجتمعات وخاصة الجامعات بلا حسيب ولا رقيب، غياب الوعي الديني والجهل باحكام الدين، تفسخ وتفكك الاسر وانعدام الرقابة، الشعارات التي تنادي بالتحلل والحرية، وغيرها من الامور التي لا بد من ايجاد الحلول الشرعية لها للحد من هذا الزواج.