أسباب التطرف الفكري

أسباب التطرف الفكري
في هذه الأعوام القليلة الماضية شهد العالم العربي والإسلامي نمو ظاهرة التطرف الفكري، وخصوصاً لدى فئة الشباب مما أدى الى الإخلال بنعمة الأمن والأمان، وفي هذه المقال سنورد بعض الأدلة التي تدل على وسيطة الدين الإسلامي ومعنى التطرف الفكري وأهم الأسباب التي تؤدي إلى التطرف الفكري :-
الوسطية هي من أهم الخصائص العامة للدين الإسلامي، وهي التي تميز بها الدين الإسلامي عن غيره من الأديان، وهذه الأمة عن غيرها من الأمم، قال تعالى " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا " )البقرة آية 143(، فالإسلام منهج وسط في كل شيء في الإعتقاد والتعبد والأخلاق و التشريع.
ولقد دعا الإسلام إلى الوسطية وحذر من الغلو والتطرف، قال تعالى مخاطباً أهل الكتاب" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ " (المائدة آية 77). وروى الإمام مسلم عن ابن مسعود أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال:" هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ " قالها ثلاثا. والمتنطعون هم المتعمقون المجاوزون الحدود في أقوالهم أفعالهم.
وروى الإمام البخاري أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال: " إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ،  ... ".
فهذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وغيرها من الأدلة الكثيرة التي تدل على أن الدين الإسلامي دعا إلى التوسط والإعتدال ونبذ العنف والتطرف والغلو.
التطرف: هو الوقوف في الطرف وتجاوز الحد عن الوسط، مع التعصب للرأي بحيث لا يعترف معه بوجود الآخرين، وبذلك يكون التطرف عكس التوسط والاعتدال، فهو الخروج عن مقاصد الشرع والقيم والمعايير المتعارف عليها في المجتمع,
وتكمن خطورة التطرف الفكري في انعدام القدرة على التفكير الحر والإبداع، ويسلب الانسان القدرة على محاورة الآخرين ومناقشة آرائهم بموضوعية، وتمييز الصواب من الخطأ بعيداً عن التعصب الفكري.
ومن أهم الاسباب التي قد تؤدي إلى التطرف الفكري ما يلي:
1- الجهل بالدين: فالمتطرف يرى أنه وحده على الحق وغيره على ضلال وجهل، فيسمح لنفسه بالإجتهاد في أدق القضايا وهو غير مؤهل لذلك ولم يبلغ درجة الإجتهاد، ويحاسب الآخرين على الفروع والنوافل كأنها فرائض، ويلجأ إلى تفكير الآخرين لأنهم في نظره مجتمع جاهل منحرف لا يحكم بما أنزل الله، وينتهي به المطاف إلى استباحة دمائهم وأموالهم.
ويفيد الباحثين في الشؤون الإسلامية أن الإسلام الأكثر تداولاً وهو ما يسمى بالإسلام الشعبي، الذي ينتقل بالتواتر بين الأفراد ذات الثقافة المحدودة وإذا ما دخل أي متفقة في شؤون الدين، فإنه قادر بسهولة على إقناعهم بما يريده، فينشأ لديهم فهم خاص للإسلام قد يتناقض في كثير من الحالات مع التعاليم الصحيحة للدين، وهذا الوسط يملك قدرة هائلة على التعصب الاعمى وعلى الإنجراف إلى أي عمل إرهابي ضناً من أفراده أنهم يخدمون الإسلام ويتقربون إلى الله تعالى.
2- استخدام وسائل التطور التكنولوجي وخصوصاً الانترنت دونما حسيب أو رقيب وخصوصاً فئة الشباب فهم مشغولون بوسائل التكنولوجيا حتى أوقات متأخرة، يصدقون المعلومات التي تتداولها شبكات التواصل الإجتماعي، مما يجعلهم صيداً سهلاً لدعاة التطرف الفكري والعنف، حيث أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي تشكل إحدى الوسائل التي تستخدمها الجماعات المتطرفة من أجل الترويج لخطاياتها واختراق عقول الشباب.
3- السياسات الإقتصادية الغير ملائمة للواقع الإقتصادي للأفراد، بحيث تؤدي هذه السياسات إلى خلق فجوة بين الفقراء والأغنياء، وبين المتعلمين وغير المتعلمين، وبين ذوي مصالح إقتصادية واسعة وفئات إقتصادية مهمشة.
ووفقاً للدراسة التي أجراها الخبير الأمريكي (آلن كوجر) فإن سكان البلدان الفقيرة التي تعاني من مستويات بطالة مرتفعة هي الأكثر عرضة للتجنيد والإستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية.
4- البطالة والفراغ الفكري والتوقف عن الإبداع والإنتاج وعدم الإهتمام بشؤون الثقافة والمعرفة والتصدي للتيارات الفكرية التي غزت البلاد الإسلامية وعدم التطوير للدراسات الفقهية والأصولية، والإبقاء على شكلها التقليدي دون النظر فيما يستجد من حاجات فكرية وثقافية جديدة.
5- المشاكل السياسة والإجتماعية وهي المتعلقة بعدم الإنضباط الأخلاقي والفسادي والرشوة والإدمان على المخدرات، والإختلاف بين جيلي الآباء والأبناء ووفاة أحد الوالدين، وأفلام العنف، كل هذه الأسباب وغيرها تؤدي إلى التطرف الفكري والإنتماء إلى جماعات تتستر بالدين ويقدمون أنفسهم على أنهم مصلحون إجتماعيون هدفهم إنقاذ البلاد.
6- ضعف إنتماء الشباب بأوطانهم فليس هنالك ما يزيد من تعلق الشباب بأوطانهم وأمتهم ولا هدفاً أكبر يعيشون من أجله في هذه الحياة. بحيث يقدمون المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، فالحياة المادية البحتة والمصلحة الشخصية هي التي تشغل تفكير الشباب مما يؤدي إلى قطع أي تفكير بالوطن وبالتالي ينعدم الإنتماء والولاء للوطن.
فلا يكون الوطن إلى أرض تسكن وحياة تقضى فيها ويتفاقم الأمر ويصل إلى كره هذا الوطن ورغبته في الإنتقام منه، أو إحداث أي تغيير فيه.