Flash Templates 1 CSS Templates 1 CSS Templates 2 CSS Templates 3 CSS Templates 4 Flash Templates 2 Flash Templates 3 Flash Templates 4
التسامح 
أ.د بسام العموش

 قال تعالى ( اليوم أكملت لكم  دينكم وأتممت عليكم  نعمتي  ورضيت   لكم  الإسلام  ديناً ) المائدة (3) ومن كمال  هذا الدين العظيم أنه عقيدة  وشريعة ، ومن الشريعة  الأخلاق التي قال عنها النبي  صلى الله عليه وسلم ( إنما بُعثت لأتمم  صالح الأخلاق).
ومن الأخلاق المطلوبة من المسلم  خلق "التسامح " مع الآخرين  كل الآخرين كما  قال تعالى ( وقولوا للناس حسناً)البقرة (83)،  التسامح  مأخوذ من السماح والسماحة وهو الجود ، والمسامحة  المساهلة فالإنسان  السْمح هو الشخص الكريم الذي يجود  على الآخرين  بالصفح ، فيغض  الطرف عن  إساءتهم، ويتجاوز عن  هفواتهم  سواء كانت  قوليهأو فعلية، صريحة أو ضمنية.
وهذا الخُلُق لا يكون إلا فيمن  عَلتْ نفسه  وارتفَعتْ وارتقت،فتراه هيناً ليناً لا يقابل السيئة بالسيئة، بل  يقابل  السيئة  بالإحسان،واحسانه بصور متعددة قد تكون  بالإحسان المقابل الفوري، أو غض الطرف عمن  أساء  بحيث  يتجاوز وكأنه لم يسمع أولم ير،  فلا  يتمعر وجهه، ولا  تنتفخ عروقه وأوداجه، ولايستشيط غضباً آخذاً بتوجيهاتالإسلام كما قال تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)آل عمران (134)، ويدعم ذلك قول النبي صلى  الله  عليه وسلم ( ليس الشديد بالصُرعة  ولكن الشديد  الذي يملك نفسه عند الغضب ).
والتسامح كخلق للمسلم  هو أسلوب دعوي ، وقد يؤثر  في سلوك  من أساء  فيراجع  نفسه  ويتغير  إيجابياً ، ولطالما   فشل الوعظ  والخطابة  بينما  نجح الخلق  في فتح  القلوب ، ولنا   في أكبر  بلد إسلامي ( اندونيسيا )  مثال  واضح  حيث فتحها الخلق  ولم  تفتحها الجيوش .
  وإن التسامح يسير  في كل الاتجاهات فهو التسامح  في الأسرة وفي المجتمع  تسامح مع الصديق وتسامح حتى من تختلف معه، وتسامح  مع المسلم وتسامح مع غير المسلم  ،  لأن  الخلق  فعل إنساني لا يجوز حبسه في دوائر  ضيقة  وحينما  قال الرسول ( لأتمم  مكارم الأخلاق )  فهم منها العلماء- وهو الواقع -  أن الشرائع السابقة دعت إلى  الأخلاق  ومنها التسامح ، فنحن  لم نأت  بشيء  جديد وإنما  جئنا مؤكدين متممين  لخلق طيب .
وسماحة النفس تفيد صاحبها  قبل أن تفيد الآخرين وبخاصة  في زمننا  هذا، حيث الضغط  النفسي والإجتماعي و الاقتصادي  والسياسي وكثرة  الأمراض  ومنها ارتفاع  ضغط الدم.  فالتسامح  بعيد عن هذا لأنه تصالح مع  نفسه قبل أن يتصالح مع الآخرين وهو  عيش  طيب لأنه أبعد أعصابه عن التوتر  والأمراض .
 والسماحة  تقتضي  طلاقة الوجه والابتسامة(تبسمك في وجه أخيك  صدقة ) تقتضي العفو ، وتقتضي  اإلحسان  كما قال تعالى: ( إن الله يأمر  بالعدل والإحسان) النحل( 90) وبالرغم من حق كل إنسان  أن لا يتجاوز على الآخرين ، وحقه في القصاص لكن التسامح  تنازل  عن الحق ، وارتفاع الى درجة   فوق الحق  وهي الفضل والعفو.
 ويشمل التسامح ما تعلق بالألفاظ والسباب  والغيبة  والنميمة، ويشمل  الأمور المادية  مثل التجاوز عن المدين الغارم ، والتسامح في الأمور البسيطة التي  لا يلتفت إليها ، وقد يكون التسامح في عدم أخذ السائق الأجرة من الراكب المعْدم ، أو المستأجر الفقير، أو أجور الكشف الطبي ممن لا يملك  .
إن التسامح باب  كبير ونحن في زمن في أشد الحاجة إلى البدء بتطبيقه على صعيد الأسرة  والجيران، فيتسامح الرجل مع زوجته وأولاده، والزوجة مع زوجها ، والجار مع جاره.
إن التسامح غير نابع عن ضعف وخَوَر بل عن نفس كبيرة  رفضت أن تكون في الدرك  الأسفل بل أجلت معالي الأمور،  فالديدان هي  التي  تعيش في الوحل بينما الصقور هي التي  تسكن أعالي الجبال، فلنكن ممن علت  نفسه وارتفعت  همته لنكون دعاة  خير وبركة في المجتمع  والأمة،   ولنستبشر بقول  النبي  صلى الله عليه وسلم  (  ألا أخبركم بمن يحرم على النار ، وبمن تحرم النار عليه ؟ على كل  هين لين قريب سهل) كما نتمنى أن ينالنا دعاءالنبي صلى الله عليه وسلم ( رحم الله إمرأً سهل البيع سهل الشراء ).