Flash Templates 1 CSS Templates 1 CSS Templates 2 CSS Templates 3 CSS Templates 4 Flash Templates 2 Flash Templates 3 Flash Templates 4
أبو بكر الصِدّيق رضي الله عنه 
أ. د "محمد عيد" الصاحب
كلية الشريعة
يحق لأبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه أن يكون أبرز أعلام الإسلام، وأن يتبوأ الصدارة في تاريخ هذه الأمّة، وأن يصل إلى القمّة بين رجالاتها وقادتها، وأن ينال قصب السبق في الفضل، والخير، والدّعوة إلى الله، والدّفاع عن دينه، وأن يكون شامة في جبين أمة الإسلام.
عاش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحبه فترة طويلة ولازمه منذ بعثته إلى آخر حياته ، وقد آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم منذ الأيام الأولى من البعثة، بل كان أول من آمن به من الرجال.
 لُقِّب أبو بكر رضي الله عنه بالصِّدِّيق، وذلك لتصديقه النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به، ومن ذلك تصديقه برحلة إسرائه صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس، قبل أن يسمع الخبر من رسول الله عليه الصلاة والسلام. وبسبب إيمانه العميق رضي الله عنه وبسبب فضله في الإسلام كان أفضل المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا رأي أهل الحق من المسلمين، ولم يشذ عن ذلك إلا صاحب هوى أو ذو بدعة ضال . ولفضله العظيم كان أول من تولى إمامة المسلمين وقيادتهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
كان أبو بكر يدفع الأذى – في مكة- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يناصر المستضعفين من المسلمين، وهو الذي اشترى بلالا رضي الله عنه من أبي جهل وأعتقه، حتى كان عمر رضي الله عنه يقول: "أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلاَلًا".
لأبي بكر رضي الله عنه فضل كبير بعد الله تعالى في تأمين هجرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث سخر أهله وماله لهذه الرحلة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها مطارداً، وكان فيها مطلوب الدم. وأبو بكر رضي الله عنه هو صاحب النبي صلى الله عليه وسلم الذي عناه الله تعالى بقوله :إلّا تنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللهُ إذْ أًخْرَجَهُ الذينَ كَفَروا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغًارِ إذْ يَقولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللهَ مَعَنا    .
ومن صور إكرام الله تعالى له أن صاهر النبي صلى الله عليه وسلم، فزوجه ابنته عائشة رَضي الله عنها، حتى كانت من أحب زوجات النبي إليه، وكانت هذه المصاهرة سببا في زيادة البركة والخير على أبي بكر رضي الله عنه وآل بيته.
وبعد الهجرة لم يفارق أبو بكر الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان يتنقل معه ويكون إلى جواره في كل مكان، وقد روى أنس رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صَعِدَ أُحُدًا، ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان رَضي الله عنهم، فَرَجَفَ بِهِمْ جبلُ أحُد، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ). وكان الصحابة قد عرفوا لأبي بكر فضله، وحفظوا له مكانته، ونجد هذا في مواقفهم وعباراتهم التي ينطقون بها، فهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يروي أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: له النبي صلى الله عليه وسلم: (وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟). قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). فكان أنس يقول: (فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ(  .
ونجد النبي صلى الله عليه وسلم يمتدحه ويبين فضله، وممّا ورد في ذلك؛ قوله صلى الله عليه وسلم : (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي، وَقَدِ اتَّخَذَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا)، وقوله: (مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ. فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: هَلْ أَنَا وَمَالِي إِلَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ!؟).
ولفضله في الإسلام أمره النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته بإمامة المسلمين في الصلاة، وجعله يقوم مقامه في أداء هذه العبادة العظيمة، وكان قبل ذلك قد حج بالناس سنة تسع من الهجرة، ويوم تبوك كانت الراية معه. وقد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغزوات كلها.
رحم الله أبا بكر ورَضي عنه وجمعنا به مع سيّدنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .