عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال الرجل هَلك الناس فهو أهلكهم". إن من أخطر الآفات المنتشرة بين الناس أن يعجب المرء بنفسه و يحتقر الآخرين، و قد يقع الدعاة و طلاب العلم في هذه الآفة دون إدراك لعواقبها, فترى أحدهم ينظر إلى عامة الناس نظرة ازدراء و احتقار لما يفعلونه من معاصٍ, و ينظر لنفسه نظرة اعجاب و إكبار لما يفعله من طاعات و عبادات و طلب للعلم, أو اقبال على حفظ القرآن الكريم و تعليمه. و النتيجة أن يصاب بالغرور و العجب و الكراهية للآخرين, و يصاب مَنْ حوله باليأس و القنوط و التمادي في المعاصي و الآثام, و تقع الفجوة الخطيرة بين المصلحين و عامة الناس, و النفور الشديد بين هؤلاء و أولئك و في ذلك هلاك المجتمع و فساده. و قد قال الإمام النووي في شرحه الحديث " رُوي بالنصب و الرفع و الأشهر الرفع أي أشدهم هلاكاً و ذلك إذا قال على سبيل الإزدراء و الاحتقار لهم و تفضيل نفسه عليهم". و نقل عن الإمام الخطابي قوله: " لا يزال الرجل يعيب الناس و يذكر مساوئهم و يقول : فسد الناس و هلكوا و نحو ذلك, فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأهم حالاً فيما يلحقه من الإثم في عيوبهم و الوقيعة فيهم,و ربما أدّاه ذلك العجب بنفسه و رؤيته أن له فضلاً عليهم و أنه خير منهم فيهلك" , و لنلاحظ قول الإمام مالك رحمه الله في تعليقه على هذا الحديث, و إذا قال ذلك تحزناً لما يرى في الناس من أمر دينهم فلا أرى فيه بأساً, و إذا قال عجباً بنفسه و تصاغراً للناس فهو المكروه الذي ينهى عنه.
|