نظّم مركز الوثائق والمخطوطات ودراسات بلاد الشّام في الجامعة الأردنيّة اليوم معرِضًا للصّور ومحاضرةً علميّة بعنوان "التّراث المعرفيّ في المخطوطات العربيّة"، قدّمها الدّكتور عمر الفجّاوي الأستاذ في قسم اللّغة العربيّة، بمناسبة الاحتفال بيوم المخطوط العربيّ لعام 2025، والذي جاء تحت شعار "المخطوط العربيّ: حياة أمّة ورائدُ حضارة"، حيث تحتفي المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم (الألكسو) بيوم المخطوط العربيّ الذي يصادف الرّابع من شهر نَيسان، من كلّ عام.
وخلال الاحتفال الذي تولّى عِرافته الدّكتور ربيع الفرجات، بحضور مديرة المركز الدّكتورة ندى الروابدة، بالإضافة إلى جمعٍ غفيرٍ من طلبة الجامعة، وطلبة الدّراسات العليا، وكادر المركز، قدّم الدّكتور عمر الفجاوي محاضرةً زاخرةً بالمعلومات، واستعرض الفجاوي في مستهَلّ حديثه الثّقافةَ في العصر الجاهليّ، والمخطوطات التي تُنوقِلت من تلك الحِقبة، وقال إنّ العرب عرفوا الكتابة والحرف منذ الأزل، *وتنقّل بين الحِقَب الإسلاميّة التي عُرِّبت فيها الدّواوين ونشرت المخطوطات* ، ثم العصر العباسي الذي عرفت فيه حرفة الوراقين والنساخين.
وبيّن الفجاوي أنّ أكبر خسارة للمخطوطات العربيّة كانت عام 656 ميلاديّ حين دمّر الغزو التّتاري على يد هولاكو، مخزون المكتبات العربيّة من أمّهات الكتب ونفائس المخطوطات، حيث كان لكلّ علم من علوم الدّنيا مخطوطاتٌ كُتِبت بأيدٍ عربيّة.
وأوضح الفجاوي أن لا بدّ لنا من الغَيرة على تراث أمّتنا وبيّن أنّ ما حُقِّقَ ودُرِسَ من مخطوطات حتّى الآن يبلغ 5% فقط من مجمل ما أتيح للباحثين الاطّلاع عليه، فهنالك العديد من المخطوطات التي لو تمّ الاطّلاع عليها وتحقيقيها لغيّرت مجرى التّاريخ.
وشدّد الفجاوي على أنّ علم البحث في المخطوط علمٌ من أصعب العلوم وبالأخص المخطوط ذو النّسخة الواحدة، في ظلّ ما مرّ عليها من تلف وعبَث وتأثير بعض القوارض، وقال إنّ المخطوط يضعك في فكرة رحبة حول الحضارات المتعاقبة لأنّ كلّ حضارة كانت توثّق تاريخها بأشكال عدّة منها النّقوش الحجرية والمعدنية وجلود الحيوانات.
وخلال حديثها رحّبت الروابدة بالحضور وقالت إنّ هذا اليوم يُعدّ مناسبة سنويّة لإبراز التّراث الحضاريّ الذي تزخر به الدّول العربيّة، حيث يمثّل المخطوط العربيّ إرثًا حضاريًّا تزخر به دُوَلنا العربية وهو ذاكرة الأمّة التاريخية والفكريّة والاجتماعيّة، وجسر بين الحضارات المتنوّعة، حمل في طيّاته علومًا ومعارف عدّة أسهمت في التّقدم والرّقي الحضاري والفكري، كما كان شاهدًا على إبداع العلماء العرب والمسلمين الذين دعموا هذه الحركة الفكريّة من خلال التّدوين والتّرجمة على مرّ العصور.