Flash Templates 1 CSS Templates 1 CSS Templates 2 CSS Templates 3 CSS Templates 4 Flash Templates 2 Flash Templates 3 Flash Templates 4
القدس في عيون المسلمين 
د. عبدالكريم الخصاونة
المفتي العام

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعاالمين. وبعد:
     فالعلاقة بين المسلمين والمسجد الأقصى علاقة دينية، فهو مسرى رسول الله صلى الله على وسلم، ومكان عروجه الى السموات العلى، وأولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومكان مبارك تضاعف فيه الحسنات، الركعة فيه بخمسمائة ركعة، وما حوله من الأرض مبارك أيضاً بكونه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة الأطهار {الَّذِيبَارَكْنَاحَوْلَهُ} [الإسراء: 1]، وفي القدس الشريف وأكنافه ستبقى أمة على الحق ظاهرين الى يوم القيامة.
 هذه المكانة المقدسة المباركة للمسجد الأقصى هي مكانة دينية استقرت في قلوب  المسلمين فأصبحت جزءاً من عقيدتهم، لا سيما وهم يقرؤون في الصباح والمساء قول الله تعالى: {سُبْحَانَالَّذِيأَسْرَىبِعَبْدِهِلَيْلًامِنَالْمَسْجِدِالْحَرَامِإِلَىالْمَسْجِدِالْأَقْصَى} [الإسراء:1]
فإذا رأيت من زلت قدمه في المعاصي أو تباطأ في الأعمال الصالحة، أو ارتكب شيئاً من الآثام، أو كتب ما يؤلم، ويدمي القلب، وكأنه يعيش بعيداً عن الدين، إضافة الى الواقع المر والحزين الذي تعيشه الأمة الإسلامية، فإن الأمل موجود والخير متوقع، ولا نيأس أبداً فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فكم من إنسان أصبح عاصياً وأمسى طائعاً، وما علينا إلا أن ندعو للجميع بالخير والرشاد وسلامة القلب، وأما الدعاء بالويل والثبور فهذا حرام، وشتان ما بين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة فالكلمة الطيبة صدقة.
وفي هذه الظروف القاسية التي تمر بها الأمة الإسلامية، يوصي الله تعالى عباده بطاعة الله ورسوله في جميع أقوالهم وأفعالهم ، وينهى عن مخالفة أمرهما في شيء، وحذّر الله عز وجل من الاختلاف والتنازع؛ لأنه يضعف الأمة ويدخل عليها الوهن والخور قال الله تعالى: "وَأَطِيعُوااللَّهَوَرَسُولَهُوَلَاتَنَازَعُوافَتَفْشَلُواوَتَذْهَبَرِيحُكُمْوَاصْبِرُواإِنَّاللَّهَمَعَالصَّابِرِينَ"الأنفال 46. ولما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة، وترك أحب البلاد الى الله تعالى وأحب البلاد الى رسول الله كانت أول خطوةقام بها في سبيل وحدة المسلمين هي بناء المسجد ثم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، فألف بين قلوبهم رغم ما كان بينهم من العداوة والبغضاء، فأبدلهم بالعداوة حباً وبالتباعد قرباً، قال الله تعالى: {وَأَلَّفَبَيْنَقُلُوبِهِمْ} [الأنفال: 63]، قال القرطبي: وكان تأليف القلوب مع العصبية الشديدة في العرب من آيات النبي صلى الله عليه وسلم ومعجزاته؛ لأن أحدهم كان يُلطم اللطمة فيقاتل عليها، وكانوا أشد خلقه حمية، فألف الله بينهم بالإيمان.
فالإعتداءات البشعة والهمجية المتتالية على الشعب الفلسطيني والقتل والتشريد ومنعهم من الصلاة في المسجد الأقصى إرهاصات سيتبعها خير إن شاء الله تعالى؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَمَنْأَظْلَمُمِمَّنْمَنَعَمَسَاجِدَاللَّهِأَنْيُذْكَرَفِيهَااسْمُهُوَسَعَىفِيخَرَابِهَاأُولَئِكَمَاكَانَلَهُمْأَنْيَدْخُلُوهَاإِلَّاخَائِفِينَلَهُمْفِيالدُّنْيَاخِزْيٌوَلَهُمْفِيالْآخِرَةِعَذَابٌعَظِيمٌ} [البقرة: 114]، ففي الآية الكريمة استنكار واستبعاد لأن يكون أحد أظلم ممن فعل ذلك أي لا أحد أظلم ممن منع الناس من عبادة الله في بيوت الله وعمل لخرابها بالهدم. فما يجري في المسجد الأقصى المبارك وأرض القدس الشريف من قبل العدو الصهيوني إنما هو أظلم عمل تفعله البشرية، يسعى للفساد والدمار والتنكيل والتشريد والقتل، وتحدّ للأمة كلها مسلميها ومسيحييها؛ بالاعتداء على المسجد الأقصى الذي هو جزء من عقيدتها، وسيبقى حب ثالث الحرمين الشريفين مستقراً في شغاف قلوب المسلمين وتبقى القلوب أيضاً تنبض بحب الأرض المقدسة ولن تنسى أبداً.
فالمسجد الأقصى رمز ديني لا يمكن أن ينسى مهما كثرت المحن واشتدت الفتن وكثر الهرج، فالأقصى سيبقى حياً في قلوب المسلمين، وتحريره من أولويات أعمالهم، ونستذكر في هذا الصدد ما تقدمه القيادة الهاشمية المباركة من دعم مادي ومعنوي لرعاية المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة، ورعاية المقدسات الدينية في القدس الشريف، وتأمين جميع المتطلبات اللازمة لأبناء الشعب الفلسطيني الصامدين في مدينة القدس الشريف، لتعزيز ثباتهم على أرضهم وصمودهم وتصديهم للتحديات التي تواجههم، إضافة إلى تأمين الحراسة للمسجد الأقصى المبارك.
ومواقف جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين يحفظه الله في إبراز القضية الفلسطينية وأهميتها وأولويتها في المحافل والمؤتمرات الدولية والاجتماعات المحلية ظاهرة واضحة لا يخفى منها خافية، فعين جلالته على القدس دائمة لن تنام.
بل وهمُّ جلالته الأول وشغله الشاغل هو تحريك الضمير الإنساني، وبيان الحق في القضية الفلسطينية من أجل قبول الحل العادل والشامل.
اللهم احفظ المسجد الأقصى من كيد الحاقدين وحرره من اليهود المغتصبين..آمين.