Flash Templates 1 CSS Templates 1 CSS Templates 2 CSS Templates 3 CSS Templates 4 Flash Templates 2 Flash Templates 3 Flash Templates 4
ذكريات التأسيس 
د. فايز الربيع
طلب مني أخي ( الدكتور عدنان محمود العساف ) مدير المركز الثقافي الإسلامي السابق تلطفاً وتكرماً أن أكتب في أول عدد لمجلة ستصدر عن المركز , ومجرد الطلب يعني أن أخلاق الرجال لا زالت موجودة عند البعض بتذكر من سبق وليس على قاعدة ( التاريخ يبدأ من عندي وينتهي بعد أن أترك ) , لأن مرحلة التأسيس والبناء هي المرحلة التي يواجه فيها المؤسس صعوبات المكان والزمان والعلاقة وتحديد الأهداف والوسائل وخط طريق للنجاح .
 
لقد استلمت إدارة المركز بعد أن خبرت الجامعة الأردنية كمدير للعلاقات الثقافية والعامة , وتوطدت علاقاتي مع كل المسؤولين  في الجامعة بدءاً من الرئيس الذي كان يومها ( دولة الدكتور عبد السلام المجالي ) متعّه الله بالصحة والعافية , ومروراً بكل مفاصل الجامعة مما أتاح لي تجاوز بيروقراطية القرار , حيث كنت أتخذ القرار الذي أراه مناسباً لعمل المركز , ثم أقوم بتغطيته مالياً وإدارياً , مما اختصر الوقت والحلقات .
 
من المحاور التي تم تغطيتها , تميّز المركز الثقافي الإسلامي بأنه المركز الوحيد الذي يعطي شهادة أكاديمية , وليس شهادة دورات , مع أن الدورات كانت جزءاً من نشاطه , وهو ( دبلوم القراءات ) الذي سمح لكل راغب يحمل شهادة جامعية أن يلتحق بهذا البرنامج ويعطى شهادة ( دبلوم القراءات ) , وقد قمت باستقدام بعض الأساتذة من جمهورية مصر العربية ممن لديهم الكفاية العلمية والعملية للقيام بهذه المهمة , بالإضافة إلى بعض الأساتذة الأردنيين , كان إمام المسجد هو الشيخ ( محمد جبريل ) الذي كان يؤم الصلوات ويستقطب المسجد في التراويح ألاف المصلين كانوا خارج المسجد أكثر ممن هم في داخله .
 
كان للمركز مجلس إدارة يضم نخبة من أصحاب الفكر والرأي , وكان الشيخ الدكتور " عبد العزيز الخياط " يرأس مجلس إدارة المركز , ومن بين الأعضاء ( معالي حمدي الطباع ) والمرحوم الشيخ ( عز الدين الخطيب ) رحمه الله , والمرحوم الشيخ ( إبراهيم زيد ) رحمه الله وغيرهم .
 ومن القواعد التي أرسيناها في المركز , أن جميع موظفي الجامعة لمن يرغب يصلوّن العيد في مسجد الجامعة ويقوم رئيس الجامعة باستقبالهم في المركز , كان برنامج الندوات حافلاً وبخاصة في شهر رمضان المبارك , يوزع في بداية الشهر , منها ما كان في المسجد ومنها في المركز , مع إحياء ليلة القدر، وسحور يقدم من المركز للمصليّن , وأذكر من بين الندوات التي أقمناها مع حفل إفطار , ندوة بعنوان ( تجسير فجوة بين الأمة والعلماء والحكام ) , حضرها رئيس الوزراء في حينه ( دولة أحمد عبيدات ) , ومن التوصيات المهمة التي خرجنا بها أن يكون هناك مجلس استشاري لرئيس الحكومة من العلماء , يعرضون عليه ما عندهم ويسمعون ما عنده فيما يخص الشأن العام والشأن الإسلامي .
 
وكان في المركز أرشيف تلفزيوني لكل النشاطات , وقمنا بتسجيل مجموعة حلقات تلفزيونية تحت عنوان ( أحباب الله ) لا زالت تذاع أحياناً على بعض المحطات الفضائية , وكان هناك مسابقات قرآنية مع جوائز لمختلف الأعمار .
 
أشرف المركز على رحلات الحج والعمرة  لكل الجامعة , كانت الجامعة تقدم حافلة كبيرة , وشاحنة , وسيارة دفع رباعي مرافقة للرحلة مع أواني  الطبخ وجميع المستلزمات , وكنا نتفاوض مع جامعات سعودية لاستقبال طلبتنا أثناء موسم الحج والعمرة , وهو ما أكّد الاستقلالية المعنوية والإدارية للمركز , قمنا بطباعة بعض الكتيبات الصادرة عن المركز للتعريف به , واستكملنا الجهاز الإداري من ديوان وموظفين ونظمنا عمل صندوق التبرعات الخاص بالأسر الفقيرة وبالطلبة , حيث كنا نقدم المساعدات للعديد من الطلبة الأردنيين والعرب والمسلمين ممن يدرسون في الجامعة .
 
طرحنا في حينه فكرة عقد مؤتمر بعنوان: ( المراكز الثقافية الإسلامية في العالم ) في اتجاه تنظيم عملها وإنشاء مكتب تنفيذي لها يكون مقره الجامعة الأردنية , وتلقينا ردوداً طيبة وعديدة في هذا المجال، إلا أن انتقالي من الجامعة حال دون تنفيذ الفكرة , قمنا بتوزيع استبانة على جميع موظفي الجامعة وعمداء الكليات والوحدات الإدارية , في إطار ماذا تريد الجامعة من المركز , وفتحنا تعاوناً مع كل من يرغب في التعاون معنا .
 
كان مجلس رؤساء الجامعات الإسلامية يعقد اجتماعاته في المركز , وقمت مع المرحوم الشيخ " الخياط " بزيارات خارجية للتعريف بالمركز , وفتح قنوات اتصال مع رابطة العالم الإسلامي والمراكز المماثلة في الكويت وقطر ودول أخرى , كان طموحنا أكبر من جدران المركز وساحات المسجد ؛ لأن الطموح مشروع , وكنت أعتقد أنه  معقول أيضاً .
 
لا زال المركز بهمة القائمين عليه بخير , ولا زال يواصل مسيرته في العطاء وفي خدمة الإسلام ضمن منهجية الوسطية والاعتدال التي هي سمة ديننا , ولا زال المسجد عامراً بزواره ومصليه , ولعل وجود بناء منفصل للمركز عن المسجد أتاح له أيضاً سعة في المكان , لأنه يملك من حيث الأصل سعة العقول , وهمّة الرجال المخلصين .
 
يسعني أن أشكر أخي ( الدكتور عدنان العساف ) على إتاحة هذه الفرصة لتذكر بعض ما أنجزنا في المركز , كمؤسس له , كما كانت نفس الفكرة لدى الأخوة في المجلة الثقافية باعتباري أيضاً مؤسساً لها عندما طلبوا مني أن أكتب تحت عنوان ( بصمة ) في نفس الاتجاه , مؤكداً أنني لا زلت أضع نفسي في خدمة المركز وأهدافه التي هي خدمة لديننا ورسالتنا في الحياة .